مهرجان شنقيط 2024: فوضى بلا تراث

يُعد مهرجان مدائن التراث حدثًا سنويًا يُنظم في المدن التاريخية بموريتانيا، ويهدف إلى إبراز التراث الثقافي والمعماري والفكري للبلاد. نسخة 2024 التي استضافتها مدينة شنقيط جاءت في سياق توقعات كبيرة من الجمهور والنخب الثقافية، لكنها أثارت جدلاً واسعًا بسبب ما وُصف بأنه “فشل تنظيمي ومضموني”.

من أبرز الإشكالات التي تم رصدها:

غياب التنسيق الواضح في البروتوكول الرسمي، حيث تم تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم.

مشكلات في إدارة الحضور وتوزيع بطاقات الدعوة، ما خلق حالة من الإرباك لدى الضيوف.

2. المحتوى الثقافي والعلمي:

أثار الجانب الثقافي للمهرجان جدلًا واسعًا بسبب ما اعتُبر “تعتيما” على المحور الثقافي.

أُشير إلى ضعف المحتوى المقدم، حيث تم استدعاء محاضرين غير مؤهلين على حساب أهل الفكر والبحث العلمي.

أكد خبير التراث الدكتور محمد الأمين ولد باباه:

> “كانمنالمتوقعأنتُركّزالنسخةالحالية على الأبحاث التراثية والفكرية التي تعكس تاريخ شنقيط العريق، لكن غاب البعد العلمي بشكل ملحوظ.”

كما انتقد العديد من المثقفين إدراج مشاركات لا تمت للتراث الموريتاني بصلة، وهو ما وصفوه بـ “تشويه” أهداف المهرجان.

3. البرنامج الفني والسهرات:

تعرض البرنامج الفني والسهرات لانتقادات حادة، حيث وصفها البعض بأنها “رديئة” ولا ترتقي لمستوى الحدث.

أكد أحد الحضور، الإعلامي سيدي محمد ولد أحمدو:

> “السهرات الفنية افتقرت للهوية الموريتانية، وكان واضحًا غياب التنسيق في اختيار الفقرات الفنية.”

4. الخطابات الرسمية:

من النقاط الإيجابية القليلة التي أُشيد بها كلمة وزير الثقافة الدكتور الحسين ولد مدو، التي اعتُبرت متماسكة وشاملة.

في المقابل، انتُقدت كلمة عمدة شنقيط ورئيس جهة آدرار بسبب افتقارها للرؤية والطرح الجاد.

خلفية عن المهرجان:

انطلق مهرجان مدائن التراث للمرة الأولى كجزء من جهود الحكومة الموريتانية لتعزيز السياحة الثقافية وإحياء المدن التاريخية مثل شنقيط، وادان، تيشيت وولاتة.

تُعتبر شنقيط من أبرز المدن التاريخية في موريتانيا، حيث تمتلك إرثًا ثقافيًا غنيًا يتمثل في المخطوطات القديمة والمساجد التاريخية.

أجمعت الآراء على أن هذه النسخة عانت من:

ضعف التخطيط والإدارة.

غياب التناغم بين محاور البرنامج الثقافي والفني.

ضعف الاستعانة بالخبراء وأهل البحث العلمي.

في المقابل، يرى بعض المشاركين أن التحديات التنظيمية قد تكون ناتجة عن توسع طموح المهرجان دون توفير الإمكانات الكافية.

توصيات لتعزيز المهرجان مستقبلًا:

1. تحسين التنظيم:

وضع خطة بروتوكولية صارمة لإدارة الفعاليات والضيوف.

2. تطوير المحتوى الثقافي:

إشراك نخبة من الباحثين والمفكرين في المحاضرات والندوات.

تقديم فقرات فنية تُبرز الهوية الموريتانية.

3. مراجعة البرنامج الفني:

اختيار سهرات وبرامج تعكس التراث الحقيقي بشكل راقٍ.

4. الترويج الإعلامي:

ضمان الشفافية في الإعلان عن فعاليات المهرجان والجهات المشاركة.

رغم أن مهرجان مدائن التراث في شنقيط 2024 حمل معه آمالًا كبيرة، إلا أن الفشل التنظيمي وضعف المحتوى ألقيا بظلالهما على التظاهرة. يبقى المهرجان فرصة مهمة لإعادة إحياء المدن التاريخية، شريطة معالجة المشكلات الحالية وتطوير رؤية واضحة لجعله حدثًا ثقافيًا يليق بمكانة موريتانيا التراثية.

هل ستنجح النسخة القادمة في استعادة الهوية والتراث؟