التيدنيت …آلة سجلت التاريخ
التيدنيت هي أم الموسيقى الموريتانية (أزوان) فهي آلة موسيقية تقليدية يختص في عزفها رجال الفنانين وتتكون من: لكدح وأجّمبَه والعود والتمنانت ولعصب واسيور ولوتاد… آلة التيدنيت آلة مليئة بالنغمات ولها ثلاث جوانب هي:
أجانبه الكحله، أجانبه البيظه وأجانبه العاكر (لكنيديه)،
وكل واحدة من هذه الجوانب تحوي أظهورت الهول الخمس: كر، فاق، لكحال، لبياظ ولبتيت،
بالإضافة إلى أدخولات ولرخاو والردفه ولشواربالنسبة للجانبتين الكحلة والبيظة.
ولم يتفق الباحثون ولا المؤرخون على تاريخ محدد لظهور التيدنيت ولا لأصولها لكنهم يجمعون على أنها ظهرت مع مجيء بني حسان لهذه الأرض، يقول الفنان الكبير الأستاذ: سيد احمد ولد أحمد زيدان على أن أصولها عربية وقادمة إلى موريتانيا من الأندلس عن طريق الفنان زرياب لكنها طورت من عود عربي إلى تيدنيت موريتانية بحالتها الحالية، بينما يرى البعض الآخر أنها آلة إفريقية استوردها الموريتانيون منذ القرن 14 الميلادي.
وتتكون من:
ــ الحوض: ويسمى: (أكدح التيدنيت)، وهو حوض صغير على شكل “التازُوّ”: حوض سقاية الإبل، ويصنع من شجر آدرس و أكلال غالبا، ليكون وزنه خفيفا.
ــ أجَّنْبَه: وتسمى: (جمبَتْ التيدنيت)، وهي جلد مدبوغ يغطى به حوض التيدنيت ويثبت عليه باوتاد واسلاك خاصة، ويكون غالبا من جلود البقر.
ــ العصا: وتسمى: (عود أو دبوس التيدنيت)، وهي عود طوله يقارب المتر ويكون من شجرة إمجيج غالبا وتارة من شجرة سانقُ، طرفه الغليظ متصل بالحوض عن طريق ثقبه للجمبه ودخوله من تحتها ليخرج من طرفها الأخر بطريقة تجعله ثابتا، تثبت الأوتار على أحد جوانب العود لتمر من فوق جانبه الآخر عن طريق “التمُنانت”.
ــ الأوتار: وتسمى: (أعْصَبْ التيدنيت)، عددها أقله أربعة ويصل إلى خمسة وستة، وتصنع في الماضي من شعر الخيل، وفي عصرنا الحالي من أسلاك بديلة، ويسمى الوتران الطويلان ب: “المهرين”، ويسمى الوتران القصيران ب:”التيشبطن”.
ــ التَّمُنَانت: وهي قطعة صغيرة شكلها شبه دائري تكون غالبا من خشب “سانقُ” وتارة من “الريش” الأبيض، ويوجد بها ثقب يثبت فيه الطرف الداخلي لعود التيدنيت.
ــ الكَصبَه: وهي قصبة من نحاس تجعل في رأس عود التيدنيت.
ــ أسْيُور: وهي اسلاك من جلد رقيق تثبت الأوتار على عود التيدنيت ولها دور كبير في تحويل النغمة من مقام إلى آخر (التّبرَام).
ــ لَوْتَـاد: وهي مسامير من الخشب تثبت على قدح التيدنيت لتثبت الأوتار قبل شدها إلى العود.
اثنين- الجوانبالبحور والمقامات:
تتكون الموسيقى الموريتانية أو الهول التقليدي من ثلاثة جوانب (طرق) هي:
أ- أجانبَه الكحلة
ب- أجانبَه البيظَه
ت- أجانبَه العاكر(لكنيدِيَّه)،
وتحوي كل واحدة من هذه الجوانب الثلاثة أربعة بحور وهي:
1- كَــــر
2- فَـــاقُ
3- سنييمَه
4- لبتيت
ويحتوي كل واحد من هذه البحور دائما على سواد “أكحال” وبياض “أبياظ” وعلى “أزراك” تارة بالنسبة لبحر سنييمَه التي أصبحت بدورها – في الربع الأخير من القرن العشرين – تقسم إلى بحرين أكحال وأبياظ، لتصبح هذه البحور خمسة بعد تقسيم سنييمَه وهي:
1- كَــــر
2- فَـــاقُ
3- لكحال
4- لبيـاظ
5- لبتيت
كما تحوي هذه البحور كذلك مقامات تسمي “أظهُورَ”، ولكل منها اسمه الخاص به في كل جانبة على حدة، وفيما يلي نستعرض تلك الجوانب والمقامات ولرخاو، أما أدخُولات ولشوار فيمكن الرجوع إليها عن طريق النوافذ الخاصة بالجوانب:
أولاـ أجّانبه الْكَحْلَه:
1ــ كَرْ: اَنْتَمَاسْ.
ــ اَرْدِيفْ اَنْتَماسْ: سَيْني كَرْ(مايُخَرَّصْ).
2ــ فاغو: تنجوكه.
ــ اَرْدِيفْ تَنَجُّوكَه: سَيْني فَاغُو(التِّحْرارْ).
3ــ لكحال: هَيْبَه.
وبين لكحال ولبياظ ردات تجمع بين اللونين “أمزَرقفات” وهي عبارة عن “إنكري” مقام يسمى: (أزْراكْ)، وفي هذه “الجانبة” يسمى:
ــ الرَّاشْكَه، ويقول بعضهم بأنه رَخُ لكحال هيْبَه.
4ــ لبْياظْ: مَقَجُّوكَهْ.
ــ لم يكن لَه “أرْدِيفْ” فابتدع له أهل تكانت أرديف “الليّن”.
5ــ لبتيت: بيْكِ أَعَظَّالْ.
ثانيا: الجانبة البيظة:
1ــ كر: مَكَّه مُوسَى.
ــ اَرْدِيفْ مَكَه: الْفايِزْ.
2ــ فاغو: أسْرُوزِي.
ــ اَرْدِيفْ اَسْروزي: الْحرْ.
3ــ لكحال: اَنْيَامَه.
ــ اَرْدِيفْ اَنْيامَه: التِّحْزامْ.
وبين لكحال ولبياظ ردات تجمع بين اللونين “أمزَرَقْفَاتْ” وهي عبارة عن :إنكري” مقام يسمى: (أزْراكْ)، وفي هذه “الجانبة” يسمى:
ــ أربَابِي، ويقول بعضهم بأنه رَخُ لكحال انيامَه.
4ــ لبياظ: لَكَّتْرِي.
ــ اَرْدِيفْ جَيْنَّهْ: جينه.
5ــ لبتيت: لِعْتِيكْ.
ثالثا: الجانْبَه العاقر (لِكْنَيْدِيَّه):
هذه الجانبة يقال إنها خرجت من رحم أمها أجانبه الكحلة، وسميت عاقرا لأنها لا تحتوي على أشوار…
1ــ كر: نُوَفَّلْ.
2ــ فاغو: اَشْبارْ.
3ــ لكحال: المُوسْطي، ويسمي أيضااتْزخريف.
4ــ لبياظْ: مَنْجَلَّهْ.
5ــ لبتيْتْ: بَيْكِي الْمُخالِفْ.
ومما لا خلاف فيه أن الفنون الجميلة بصفة عامة وجدت تربة صالحة في الإمارات الحسانية القديمة نتيجة لما وفرته قبائل الشوكة من ظروف مواتية للإبداع، وهو ما شجع التيدنيت على الإزدهار والتمكن.
ومن المعلوم أيضا أن إمارة “أولاد أمبارك” – الذين تواجدوا في شرق البلاد – حازت الفضل في خلق الظروف المواتية لازدهار وتوسيع الفنون الجميلة إنشادا وعزفا حتى أصبحت مضرب المثل في ذلك المجال… حيث تعلق الأمراء فيها بالفن والفنانين واهتموا بالتيدنيت اهتماما كبيرا، حتى صارت هذه الآلة التقليدية رمزا لسيادتهم كما ارتبطَ تاريخها بتاريخهم ارتباطا وثيقا…
ثلاثة- لشوار وادخولات والرّدفَ ولرخاوْ:
أجانبه الكحله، أجانبه البيظه وأجانبه العاكر (لكنيديه)
أربعة- شروط أقصر طريق لتعلم الموسيقى (التيدنيت):
1- أولها هواية تعلم وتذوق الموسيقى
2- الإستماع لمقاطع من العزف والغناء
3- الإعتماد على شخص من أهل المجال
4- التمرن على التمييز بين أظهورَ الخمسَ لأكثر من فنان…
5- الحصول على أشرطة من (الدروس) الجوانب الثلاثة
6- محاولة اختبار الشخص لنفسه، واختباره من طرف آخرين
7- بعد ذلك: ضرورة الإعتماد على فنان متخصص..
بقلم محمد ولد اصوينع