تقرير حول العدالة في موريتانيا: بين الإهمال وغياب الشفافية

في مداخلة صوتية حديثة، تحدث رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، السيد أحمد سالم ولد بوحبيني، عن جوانب متعددة من الخلل في النظام القضائي الموريتاني، والتي عرضها في تقرير قُدِّم لرئيس الجمهورية، ورئيس الجمعية الوطنية، وأُثيرت في البرلمان والصحافة. تركزت الملاحظات على قضايا جوهرية تتعلق بالعدالة، خاصة خلال الدورة الجنائية الأخيرة لعام 2024.

ملاحظات ولد بوحبيني حول النظام القضائي:

1. غياب الترجمة في المحاكم:

أكد أن المحاكم الجنائية لا تزال تفتقر إلى مترجمين محلفين يتحدثون اللغات المحلية (البولارية، السوننكية، الوُلفية، وغيرها)، مما يعرِّض المواطنين غير الناطقين بالعربية أو الحسانية إلى محاكمات غير عادلة.

المحاكم تعتمد على أفراد عشوائيين أو عناصر من الشرطة لتوفير الترجمة، وهو خرق واضح للقانون.

2. ضعف دفاع المحامين عن المتهمين:

أشار إلى أن المحامين غالبًا ما يفتقرون لدراسة ملفات القضايا أو الاستماع للمتهمين، مما يؤدي إلى فقدان فرص تبرئة المتهمين.

دعا المحامين الشباب للتعاون مع قدماء النقباء لتحسين أدائهم، مؤكدًا أن الأتعاب الرمزية التي تقدمها المحكمة لا تبرر غياب التحضير اللازم.

انتقد توقيع بعض المحامين على محاضر دون الاطلاع عليها، خاصة في قضايا القُصر.

3. السجون كبيئة للجريمة:

وصف السجون بأنها بيئة خصبة لتخريج مجرمين أكثر خطورة، بسبب غياب برامج التأهيل والتدريب.

أكد على ضرورة توفير بدائل للسجن في القضايا العادية، مشيرًا إلى اعتماد السجون على منظمات دولية مثل “كاريتاس”، ما يثير تساؤلات حول تأثير تلك المنظمات على المجتمع.

4. اعتماد القضاء على محاضر الشرطة:

بنسبة تفوق 90%، تعتمد المحاكم على محاضر الشرطة فقط، دون شهود أو أدلة مادية، وهو ما وصفه بانتهاك صارخ لحقوق الدفاع.

ازدواجية الأحكام القضائية:

في تقرير سابق نشرته العين ميديا عن  قضية ما بات يعرف بملف  “العشرية”، حيث حُكم على الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومعاونيه في قضايا فساد بأحكام بسيطة مقارنة بمواطنين عاديين حُكم عليهم بعقوبات قاسية تجاوزت 16 عامًا في قضايا عادية.

تساءل التقرير  عن العدالة في هذه المفارقة، وعن الأسباب وراء غياب التوازن في تطبيق القانون. وعن تحقيق العدالة في  مسؤولين تورطو في عمليات فساد وتم تعيينهم فى مناصب سامية.

أسئلة جوهرية للعدالة في موريتانيا:

1. من المسؤول الأول عن هذا الخلل؟

هل هو القضاء؟ النيابة العامة؟ أم المحكمة العليا؟

لماذا تستمر هذه الانتهاكات رغم وجود دلائل واضحة ووثائق من الجهات المختصة؟

2. هل تتحمل السلطات العليا مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة؟

هل يمكن اعتبار الإهمال في إصلاح العدالة تقصيرًا من الدولة تجاه حقوق المواطنين؟

خلفية القضية:

شهدت موريتانيا لعقود نظامًا عدليًا يعاني من ضعف الشفافية وغياب الكفاءة، ما أدى إلى انعدام ثقة المواطنين. وتُعد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان جهة استشارية للدولة، إلا أن توصياتها لا تُنفذ غالبًا، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه المؤسسات.

بين مطالب الإصلاح وتحديات الواقع، يبقى السؤال الكبير: هل يمكن تحقيق عدالة حقيقية تحمي حقوق جميع المواطنين، بغض النظر عن مكانتهم؟

المصادر : تقرير اللجة الوطنية لحقوق الانسان

تقارير سابقة  اعدتها العين ميديا من مصادر مختلفة