شنقيط وأيام الشهر الفضيل

العين ميديا – شنقيط : مع حلول شهر رمضان المبارك، تكتسي مدينة شنقيط التاريخية بطابع روحاني مميز، حيث يجتمع سكانها بين عادات الأجداد وأجواء العبادة في واحدة من أقدم المدن الإسلامية في موريتانيا.
روحانية الشهر الفضيل في مدينة التاريخ
في أزقة المدينة العتيقة، يتوافد المصلون إلى المساجد التاريخية لأداء صلاة التراويح وقيام الليل، وسط أجواء يسودها الخشوع والتقوى. ويحرص العلماء وطلبة المحاظر على إحياء ليالي رمضان بجلسات الذكر وتلاوة القرآن.
يقول الشيخ أبه ولد احمد محمود، إمام المسجد العتيق : “رمضان في شنقيط ليس كغيره من الشهور، فهو موسم للطاعات والاجتماع حول موائد الذكر وتدارس القرآن، تمامًا كما كان يفعل أجدادنا منذ قرون.”
عادات رمضانية متوارثة
يبدأ الإفطار في شنقيط على التمر واللبن، تليها أطباق تقليدية فيما يحظى “الزريق”، وهو مشروب محلي مصنوع من الحليب والماء والسكر، بشعبية واسعة. أما السحور، فيعتمد غالبًا على العصيدة والشاي الصحراوي القوي.
وعن هذه العادات، تقول خديجة بنت محمود، وهي إحدى سيدات المدينة: “نحافظ على وصفات أمهاتنا وجداتنا في تحضير الإفطار والسحور، لأن رمضان في شنقيط هو ارتباط بالماضي وتجديد لقيم التضامن والتآخي.”
التكافل الاجتماعي والأسواق الرمضانية
يشهد رمضان في شنقيط نشاطًا اجتماعيًا ملحوظًا، حيث يتم توزيع وجبات الإفطار على الفقراء وعابري السبيل، بينما تزداد الحركة في الأسواق الشعبية لشراء التمور والفواكه واللحوم.
يقول التاجر سيد محمد ولد المختار: “رمضان موسم خاص هنا، حيث يقبل الناس على شراء المواد الغذائية التقليدية، وتزداد حركة الأسواق قبل الإفطار.”
العشر الأواخر وليلة القدر
مع دخول العشر الأواخر، تتضاعف العبادات في المساجد، ويسعى السكان إلى الاجتهاد في الدعاء والقيام. كما تحرص العائلات على ختم القرآن الكريم، وسط أجواء روحانية تميز المدينة العريقة.
شنقيط، جوهرة الصحراء
تعد مدينة شنقيط إحدى المدن التاريخية الأربع في موريتانيا، وتمثل رمزًا للحضارة الإسلامية في المنطقة، حيث أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. تشتهر بمكتباتها العريقة، ومحاظرها العلمية التي خرجت العديد من العلماء والمفكرين.
في رمضان، تستعيد المدينة روحانيتها الخاصة، إذ يتحول الشهر الفضيل إلى فرصة لتجديد العادات والتقاليد، وربط الماضي بالحاضر في أجواء من العبادة والتآلف الاجتماعي.